الخميس، 20 يناير 2011

من أى الخرافتين حكام العرب ... بقلم : حسين رضا


                                          
خرافتان تنتشران بين الشعوب العربية يتبنى كل واحدة منهما فريق عريض يؤمن بها ويروج لها وفريق ثالث يرفضهما ولكنه قليل .
الأولى أن الحاكم لا يعرف ولا يعلم شيئا عن أحوال وطنه : يشيع أصحاب تلك الخرافة والأكذوبة أن الرئيس شخص طيب النفس ، حنون القلب ، يعشق تراب وطنه ، يتألم لآم شعبه ، ويفرح لفرحه ، يسكب العبرات على أحوالهم إن خلص إليهم مكروه ، ولا تسعه الدنيا من الفرحة إذا أصاب أحدهم الخير والبشر والسعادة ، ولكنه للأسف يعيش معزول عن شعبه ، لا يعلم أحواله ولا ما يصيبه من فقر ومرض ، وما ينخر فى أصلابهم من فساد ، وما يصب على رؤوسهم من العذاب والهوان من حكومته ، فهو مخدوع يخدعه من حوله من وزرائه ورجال حكومته ، فهو لا يعرف سوى التقارير الأمنية التى ترفع إليه وتصور له أن الشعب يحيا فى قمة الانتعاش والرفاهية ، ولا يحتاج من الدنيا إلا شىء واحد أن يديم الله نعمة رئاسته وحكمه على شعبه ، فهو خير حاكم ، وأرحم رئيس ، وأنه هو الأب والأم والابن والصديق والأخ لكل واحد من أبناء شعبه ، يتغنون بإنجازاته ويهتفون باسمه فى النوم واليقظة ، ويسبحون بحمده فى الليل والنهار .
تلك الخرافة فى أغلب الأحيان تشيعها الأنظمة الديكتاتورية عن نفسها ويتشدق بها المنتفعون من أذيال تلك الأنظمة ، ويلجأ إليها عند سقوطهم أو وقت محاكمتهم على جرائمهم حين ينتفض الناس ، كما نطق بن على ديكتاتور تونس من أيام فى خطابه المنكسر الذليل ( الآن فهمتكم .. أخيرا فهمتكم ) يريد الحاكم أن يقنع الدنيا أنه ليس له يد فيما جرى وحدث ، وأنه وقع وسط عصابة من الأشرار غيبته عن واقع شعبه ، وأنه حبيس جدران أربع محاطة بالكذب والخداع ، وليس له نافذة على دنيا الناس سوى التقارير الأمنية السرية ، وادعاءات رجاله .
وتلك الأكذوبة وهذه الخرافة لا تقبع إلا فى عقول السذج ، فلو كان الحاكم الرحيم الحنون الطيب الذى يعشق وطنه وأبناء وطنه كما يذيعون ، لاختار من بين الناس من يرضى الشعب عنهم ، ويرتاح هو لهم ، ولعرض كل كبيرة وصغيرة على شعبه ما دام يحبهم ، ودليل أخر على الكذب أنك ترى الحكومة تتشكل على فترات وتتغير ربما بعضها أو كلها ، ولو كانوا هم المسيطرون عليه ما تغيرت الحكومة ولرفضوا ترك مناصبهم وما جرأ على عزل واحد منهم ، ولو سلمنا ودخلنا نفق السذج وقلنا بذلك فلن يعفيه ذلك من المثول أمام الله يوم القيامة يحاسبه على كل كبيرة وصغيرة وصدق ربنا (إذ يقول) ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُون ) ، وصدق نبيه( إذ قال ) ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع (
الخرافة الثانية الحاكم الذى لا يرحم أو ( أنا عبدٌُ مأمور ) وتلك الأكذوبة يلجأ إليها أذيال الأنظمة الديكتاتورية ولكن ليس للدفاع عن الحاكم وإنما للدفاع عن أنفسهم حتى لا يكرههم الناس ، تجلس إلى أحدهم تقول ياسيدى ما أنت عليه خطأ وخيانة للقسم الوطنى الذى أقسمته يقول لك والله أنا ( عبدٌ مأمور ) ونفسى أغير لكننى لا أقدر ولا أستطيع فالحاكم ظالم طاغية ديكتاتور من يخالفه لن يبقى على وجه الأرض يوما ، ولو كان صادقا لما تفنن فى قتل الأبرياء من أبناء الوطن وتعذيبهم ، وتزوير إرادات الشعوب ، واللعب بكلمتهم ، وما اجتهد فوق ما وسعه فى إفساد الأجيال وإهدار القيم والأخلاق ، وذبح الديمقراطية واغتيال الحرية ولكنه الخداع .
إن الخرافة الأولى قد تصدقها العقول أكثر من الثانية وغالبا ما يلجأ إلى تلك الأكذوبة أذيال الأنظمة عند محامكتهم حتى يبرئوا أنفسهم ، وقد كان ذلك من أتباع هتلر حين جاءت محاكمتهم قالوا ما كنا نستطيع أن نعصى له أمرا أو نرد له كلمة ، فدورنا التنفيذ ، وإنهم لكاذبون فلولاهم ما كان هو .
فمحال أن يحكم رجل كل الدنيا كبيرها وصغيرها ، قويها وضعيفها ، ولا يستطيع أن يقف فى وجهه أحد .
والحقيقة أن الأنظمة الحاكمة بداية من الرئيس ورجال حكومته ومسئولو دولنه كلهم نسيج واحد متكامل يعمل إما للإصلاح أو الفساد ، أو تقدم الشعوب وتأخرها .
ولعمرى إن انتشار مثل هذه الخرافات ليس لأننا شعوب طيبة كما ندعى ، وإنما لأننا شعوب جهلة سذج ، تركنا الكتاب وأبينا التعلم ، وسلمنا عقولنا لثقافة إعلام الأنظمة الحاكمة ففسدت ، وما ازدادت على جهلها إلا جلها ، وارتضت من الانكسار والذل منهجا ، فلن يفيق جاهل كى يدافع عن نفسه أو يطالب بحقه .. وليت شعوبنا العربية تعود إلى الكتاب فتقرأ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق